رسالة من المحيط للإنسان

رسالة من المحيط إليك

عزيزي الإنسان،

أنا المحيطُ الذي يَحضنُ أرضك منذ الأزل، أهتفُ إليك اليومَ بأمواج قلقي وحنيني. أنا مهدُ الحياةِ الأول، ومن أعماقي نبعتْ أسرارُ وجودك. أهديكَ أنفاسي في كلِّ نسيم، وأسقي ظمأكَ من جداولي، وأُطعمُ ملايينَ من مائدتي الواسعة. لكنّي اليومَ أئنُّ تحت ثقلِ إهمالك، فأسمعني قبل أن يصمتَ صوتي للأبد.

لماذا أستحقُ حمايتك؟

أنا رئةُ الأرضِ الخفية، أنتجُ نصفَ أكسجينك، وأمتصُّ غازاتِ دفئك المُختنِقة. بيوتُ مرجانِي تُربّي ثلثَ كائناتي، ومواسمُ أسماكي تُشبعُ جوعَ ملايين. أهديكَ جمالاً يَسكُتُ أمامه اللسان، وأمواجاً تُهدّئُ روحَك الثائرة. أنا حاضنُ أسرارِ الماضي، وحامي توازُنِ مستقبلك.

لكنّ جراحي تنزفُ..

كلَّ يومٍ ترمي في أحشائي سمومَك البلاستيكية، فتختنقُ سلاحفي، وتموتُ طيوري ظمأى. صواريخُ صيدك الجائر تفرغُ مائدتي، وتدمرُ مدنَ المرجان. حرارتُك التي تزدادُ تذيبُ جبالَ جليدي، فتغرقُ سواحلك، وتُمرضُ كائناتي. أنا لم أعدْ أقوى على تحمّلِ جشعك، فهل آنَ الأوانُ لترحمَ ضعفي؟

كيف تُعيدُ لي نبضي؟

لنَعِدْ معاً العهدَ القديم..

كنتُ دائماً أمك الحنون، فكنْ ابناً باراً. لا تحتقرْ قوتي إن غضبتُ، ففي أعماقي عواصفُ قادرةٌ على محوِ سواحلك. لكنّي أؤمنُ بأنّك قادرٌ على التغيير. أترى طفلةً تلتقطُ قنينةً من الشاطئ؟ تلك هي الأمل.

أمواجي تُرسلُ قبلات وداعٍ على رمالك، وتهمسُ: “أنقذني.. فبإنقاذي تُنقذُ نفسك”.

المحيطُ الحزين..
🌊

Exit mobile version