رسالة من المحيط للحفاظ علي البيئة

رسالة من المحيط

أيُّها الإنسانُ..
أنا هُنا أُكلِّمُك من أعماقٍ لا تَنتهي، حيثُ تَختبئُ أسرارُ الخُلود. أنا مَن رَأى قُدّامَكَ آلافَ الحضاراتِ تَشرقُ وتَغرُبُ، ومَن حَملَ على ظَهري سُفنَ الفينيقيينَ وَأحلامَ المُستكشفين. أنا لَيسَتْ لي لُغةٌ كَلُغَتِك، لكنّ أمواجي تَهمسُ بِكلِّ اللغات: اِسمَعني..

في قَلبِي صَدفاتٌ تَحتَضِنُ دُمُوعَ الأرْض، وفوقَ أكتافي تَعْبُرُ الشّموسُ إلى مَنامِها. أَنا مَن يُعيدُ إلَيكَ نَجمَةَ المَاءِ كُلَّ صَباح، ويَخْطُطُ عَلى رَمَالي خُطُوَاتِ الزّمنِ الغَابر. لَكِنّي أَرْوِي لَكَ حِكَايَةً قَد تَنْسَاهَا:
“مَرَّةً كُنتُ أَنظُرُ إلَى البَشرِ وَهُم يُبْحِرونَ بَحثًا عَن مَعنىً لِحَياتِهِم، فَأَهْدَيْتُهُمْ لُآلِئَ الحِكْمَةِ مِن أَعماقي، وَلكِنَّهُمْ بَدَلَ أَن يَغُوصُوا فِي أسْراري، صَارُوا يَرْمُونَ فِيَّ أَشلاءَ أَحلامِهِم المَيّتة!”.

أَيُّها الجَائرُ في حُبِّكَ لِنَفسِكَ..
لَيسَ بَحرِي مَقْبرَةً لِقُصُورِكَ البِلّورِيَّة، وَلَا مِرآةً لِأَوْهامِكَ. اِرفُقْ بِي كَي أَظَلَّ أَرْوِيكَ، فَأَنَا لَستُ أَقَلَّ حَياةً مِنْكَ.. أَنَا مَصْدَرُهَا!

اليَوْمَ، حِينَ تَأْتِي إلَى شَاطِئِي، لَا تَنْظُرْ إلَى أَمْوَاجِي كَسِرَابٍ يَزُول. اِغْمِضْ عَيْنَيْكَ، وَاسْمَعْ صَوتَ الـ”مِيم” تَتَدَحْرَجُ مَعَ الحَصَى، وَالـ”حَاء” تَتَشَبَّثُ بِصُخُورِي. فَفِي كُلِّ ذَرَّةٍ مِنّي قِصَّةٌ تَسْتَحِقُّ أَنْ تُقْرَأ.

لَن أَخْتَبِئَ خَلْفَ الأُفُقِ..
سَأَظَلُّ أَرْفُضُ الجُمُودَ إلَى أَنْ تَرْحَلَ عَنِّي آخِرُ نَجْمَةٍ فِي السَّمَاء. اِحْفَظْنِي كَمَا أَنَا: مَلِكَةً بِلَا تَاجٍ، وَكِتَابًا مَفْتُوحًا لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَفْهَمَ لُغَةَ الخُلُودِ.

– المُحِيطُ.. الَّذِي يُعِيدُ إلَيْكُمُ الحَيَاةَ، وَيَنْتَظِرُ مِنْكُمُ الحَيَاءَ.

🌊✨