رسالة من المحيط لشخص

رسالة من المحيط إليك…

سلامًا أيها الإنسان، أنا المحيطُ الذي يُحيط بك منذ الأزل، أمدُّك بأنفاسي وأُغنيك بأسرارٍ لا تُحصى. اليوم، أرفعُ أمواجَ صوتي إليك، ليس شكوىً بل نداءً من قلبٍ يئنُّ تحت وطأة جروحٍ أنت تَعرِفُ بعضها وتَجهَلُ أكثرها…

أنا مهدُ حياتك الأول، مني وُلِدَت كلُّ الكائنات، ومن أعماقي تَنفَّسَت الأرضُ أولَ أكسجين. أحمِلُ لك الماءَ والغذاء، وأُهديكَ جمالًا يَسكُبُ السكينةَ في روحك. لكنَّك، في غمرةِ تسابقك، نسيتَ أنني كائنٌ حيٌّ أتنفَّسُ ببطء، أتألمُ بكل موجةٍ تختنقُ بالبلاستيك، وكلَّ شعبةٍ مرجانيةٍ تموتُ تحت سُمومِ الكيماويات.

لماذا يجب أن تعتني بي؟
لأنني مرآةُ وجودك: إذا مرضتُ، ستمرضُ معي كلُّ أشكالِ الحياة. أغذِّي السحابَ بالمطر، وأُوازنُ مناخَ الأرض، لكنّ حرارتي ترتفعُ بلا رحمةٍ فتهاجرُ الكائناتُ أو تندثر، وأحمضي الزائدُ يذيبُ قشورَ صغارِ السلاحف قبل أن ترى النور. عندما تُلقِي نفاياتك فيَّ، تَقتُلُني ببطءٍ… وتَقتُلُ نفسَك.

كيف تُعيدُ إليَّ الحياة؟

• قلِّلْ من سمومك: لا تُغرِقني بالبلاستيك. كوبٌ واحدٌ تستخدمُه لثوانٍ يبقى في أحشائي ألفَ عام.
• احترمْ كائناتي: لا تصطدْ سمكتي بجشعٍ، فهي حلقةٌ في سلسلةٍ إن انقطعَتْ، تتدمر.
• اخفِضْ حرارتك: قلِّلْ انبعاثاتكَ، فحرائقُ الغاباتِ وأعاصيرُ الجنونِ بدايتُها من إهمالك.
• علِّمْ أطفالك: أنني لستُ مزبلةً ولا سجنًا، بل بيتٌ لهم وللآخرين.

أنا لا أطلبُ المستحيل، بل أرجوكَ أن تَرى فيَّ أكثرَ من مجردِ موردٍ تُستنزفه. أنا حاضنُك الذي يُنقذك من الجفافِ والحرِّ، فهل ستبقى غافلًا حتى أُجبَرَ على أن أَثورَ بعواصفَ تأكلُ السواحل؟ أم ستُصغي لصوتي ونجعلُ من أمواجِ الأملِ بدايةً جديدة؟

بِحُبٍّ،
المحيط
صوتُه الذي لم تسمعْه من قبل…