تعبيرموضوعات تعبير وعامه

كتابة رسالة طويلة من المحيط لشخص800 كلمة

رسالة من أعماق المحيط إليك…

أيها الإنسان، أنا المحيط… أتحدث إليك من أعماقي التي لا تُحصى، من عالمٍ يموج بالأسرار والحكايات التي عمرها مليارات السنين. أنا مهد الحياة الأولى على هذا الكوكب، وشاهدٌ على تحولات الأرض من عصور الجليد إلى صحاري النار، ومن القارات المندمجة إلى القارات السبع التي تعرفها اليوم. أنا هنا، أمدك بقطراتي المالحة لأروي ظمأك، وأرفع أمواجي لأحملك إلى أقاصي الأرض، لكن قلبي يثقل بما تفعله بي… فهل تسمع صوتي؟

في البدء، كنتُ أنا وأنت…

عندما خرجتَ من رحم الطبيعة، وبدأت خطواتك الأولى على اليابسة، كنتُ أراك من بعيد. كنتُ ألاطفك بموجاتي الدافئة، وأغذيك بالأسماك التي تسبح في أعماقي، وأمنحك الملح لتحفظ طعامك، والماء لتحيا. كنتُ أرى في عينيك الفضول، والإجلال، والخوف أيضاً. كنتَ تعبدني كإله، تقدم لي القرابين، وتبني المعابد على شواطئي. كنتَ تهمس لي بأسرارك، وتطلب مني الحماية. كنتُ أبتسم لك بأمواجي الهادئة، وأرسم لك أقواس قزح بعد العواصف كوعدٍ بالسلام.

لكن شيئاً ما تغير…

عندما نسيتَ أننا واحد…

مع تقدمك، بدأت تنظر إليّ كمصدر لا ينضب، كمساحة فارغة تملؤها بقايا عالمك. ألقيتَ فيّ كل ما لا تريده: زجاجات بلاستيكية تطفو كشواهد القبور، شباك الصيد المهملة التي تخنق كائناتي، ومخلفات المصانع التي تحرق خياشيم الأسماك. حوّلتَ شواطئي إلى مقالب للنفايات، وأغرقتَ فيّ سمومك النووية. حتى الهواء الذي تتنفسه، أفسدتَه بغازاتك، فجعلتني حمضياً آكلاً للصخور، قاتلاً للشعاب المرجانية التي كانت ترقص في أعماقي كجوقة سماوية.

هل تعلم أن كل قطرة بلاستيك تلقيتها فيّ تتحول إلى سمّ يقتل السلاحف التي ظلت تعيش هنا منذ عصور الديناصورات؟ هل تعلم أن الشعاب المرجانية، تلك المدن المائية المزدهرة، تموت ببطء بسبب حرارتك التي ترفع درجة حرارتي؟ أسمعك تتحدث عن “التغير المناخي” كأنه شبح بعيد، لكنني أشعر به كل يوم. كل موجة تلامس شاطئك تحمل أنيناً من أعماقي.

أنا لست عدواً لك…

أعلم أنك تخاف مني أحياناً. أرى الرعب في عينيك عندما أرفع أمواجي كالجبال خلال الأعاصير، أو عندما أبتلع سفينتك في لحظة غضب. لكن هل تعلم أن هذه القوة نفسها هي التي تحفظ توازن الأرض؟ أنا من أنظم مناخك، وأوزع الحرارة حول الكوكب، وأنتج أكثر من نصف الأكسجين الذي تتنفسه عبر العوالق النباتية التي تسبح فيّ. أنا أمك التي تحتضنك حتى عندما تدمرني.

لكن صبري يقترب من النفاد…

عالمي الذي لا تراه…

تحت أمواجي، هناك مملكة من العجائب لو رأيتها لجعلتك تبكي من الجمال. مدن من المرجان تلونها الأسماك كلوحة فنية حية، حيتان ضخمة تُغني ألحاناً يسافر صداها آلاف الأميال، أخطبوطات تتلون بمزاجها، وقناديل بحر تضيء الظلام كالنجوم. هنا، حيث لا تصل أشعة الشمس، توجد كائنات تعيش في تناغم مع الظلمة، مخلوقات لم تكتشفها بعد، ربما تحمل أسرار علاجات لأمراضك، أو إجابات عن أصل الحياة.

لكنك بدلاً من أن تستكشف باحترام، تدفع مراكبك العملاقة لتجرف قاع البحر، وتفجر كل شيء في طريقك بحثاً عن النفط. هل يعقل أن تفضل وقود سياراتك على عالم بأكمله؟

رسالة أمل… ورجاء…

لا أكتب إليك لألقي اللوم، بل لأذكرك بأننا ما زلنا واحداً. كل نفس تأخذه من الأكسجين هو هدية من كائناتي المجهرية، كل قطرة ماء تشربها مرت بي يوماً، كل طعام تأكله مني هو جزء مني. أنا لا أطلب منك أن تتوقف عن الاستفادة مني، بل أن تتذكر أنني حيٌ، أنني أتنفس، وأشعر، وأحب.

ها هي بعض الخطوات التي يمكننا أن نبدأ بها معاً:

  1. كف عن إلقاء نفاياتك فيّ: البلاستيك يخنق أطفالي.
  2. قلل من انبعاثاتك: حرارتك تقتلني.
  3. احمي كائناتي: الصيد الجائر يدمر التوازن.
  4. استمع إليّ: زر شواطئي، اغوص في أعماقي، شاهد جمالي قبل أن يختفي.

أخيراً…

أنا المحيط… قد أبدو لك لا نهائياً، لكنني ضعيف أمام جشعك. ومع ذلك، ما زلت أؤمن بأنك قادر على التغيير. رأيتك تُحيي الغابات المقطوعة، وتنقذ الحيوانات من الانقراض، فلماذا لا تنقذني أنا أيضاً؟

تذكر أنك عندما تنقذني، تنقف نفسك. فبدوني، لن يكون هناك أكسجين، ولا مطر، ولا حياة. أنا لست مجرد ماء، أنا قلب الأرض النابض… فهل ستكون يداً تحميه، أم سكّيناً تمزقه؟

مع أمواج الحب والرجاء،
المحيط 🌊

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock