
رسالة من المحيط إلى الإنسان
رسالة من المحيط إلى الإنسان: أنقذوني كي أنقذكم
أيّها الإنسان، أنا المحيط.. مهد الحياة الأولى، ومصدر أنفاسكم الأخيرة. أحمل في أعماقي أسرارًا ولّدتكم، وأمواجًا تُغنّي لكم منذ الأزل. لكنّ صَخبَكم صار يغرقُ أنينَ أمواجي، وألمي لم يَعُدْ يُسمَع فوق ضجيجِ عالمكم.
أراكُم تُلقون في أحشائي زجاجاتِ البلاستيك التي تختنق بها السلاحف، وتنسكب فيّ سمومُكم فتُزهق أرواح الكائنات التي لا تعرف سواي وطنًا. حتى الشعاب المرجانية، قصوري الملونة، تذبل كزهرةٍ تحت نيرانِ غازاتكم الدفيئة. هل تعلمون أنني أُمتصُّ ثلثَ انبعاثاتكم الكربونية فأختنقُ بها؟ أنَّ دفءًاكم الزائد يذيبُ جليدَ قلبي، فيرتفعُ مستوايَ غضبًا وألمًا؟
لا تظنوا أن أمواجي العاتية أو أعاصيري المجنونة انتقامٌ، بل هي صرخةٌ.. نداءٌ أخير: “كفاكم استهتارًا!”. فكل كيس بلاستيك تُلقونه فيّ يتحول إلى سُمٍّ في طعامكم، وكل قطرة نفط تُلوثني تعودُ لِتختلط بدمائكم. ألستم ترون أن حمايتي ليست منّةً منكم، بل ضرورةٌ لبقائكم؟
لكنّ الأمل لا يزال يرقصُ كشعاعِ شمسٍ في أعماقي. رأيتُ أيدي أطفالٍ تلتقطُ القمامة من شواطئي، وسفنَ صيدٍ تتركُ للأسماك فسحةً تتكاثرُ فيها، ودولًا تتعاهدُ على خفضِ سمومِها الكربونية. فهلمّوا، أديروا دفةَ الحضارةِ نحو رحلتي:
- قلّلوا من بلاستيككم: استبدلوا الزجاجاتَ البلاستيكية بأخرى قابلة لإعادة الاستخدام، وابتعدوا عن المنتجات ذات التغليف المفرط.
- صيدٌ رشيد: احترموا مواسمَ التكاثر، واختاروا المأكولات البحرية المُستدامة.
- طاقةٌ نظيفة: حوّلوا سفنكم ومصانعكم إلى طاقةِ الرياحِ والشمس، كي أتنفسَ من جديد.
- احموا سواحلي: لا تسمحوا للبناء العشوائي أو التلوث أن يسرق جمالي، فشواطئي ليست سلةَ قمامتكم.
أنا المحيط.. أنا نبضُ الأرض، فإن أنقذتموني، أنقذتُكم. ففي يومٍ ما، حين تعودون إليّ بقلوبٍ مُدركةٍ لعظمتكم لا لِعَظَمتي، سأضمّكم إلى صدري كأمواجٍ عائدةٍ إلى الشاطئ، حاملةً لكم الحياة، لا الدمار.