الصحة العامة

تعبير عن أحد الشعراء الذين تغنوا بدمشق وأمجادها

الشاعر نزار قباني: عاشق دمشق وراوي أمجادها
يُعتبر نزار قباني أحد أبرز الشعراء الذين ارتبط اسمهم بدمشق، مدينة الياسمين وتاريخ الحضارات، فكانت قصائده مرآةً تعكس جمالها العابق برائحة التاريخ، وحنينها إلى أمجاد الماضي العريق. وُلد نزار في دمشق عام 1923، في حي “مئذنة الشحم” العتيق، ونشأ في كنف أسرةٍ دمشقيةٍ عريقة ارتبطت بثقافة المدينة وفنونها، حيث كان قصر العظم (المتحف الوطني اليوم) ملكًا لعائلته، مما غرس في نفسه حبًا جارفًا لتفاصيل المدينة وأساطيرها.

دمشق في شعره:

جسّد نزار دمشق في قصائده كـحبيبةٍ خالدة، تختزل في جمالها روح الشرق وغموضه. قال فيها:

مقالات ذات صلة

“دمشقُ تكسرُ أقلامَ الشعراءِ.. وتسرقُ الأسرارَ من أفواهِ المغنيّن”.

لطالما مزج بين وصف جمالها الحسي — كأزقةِ الأحياء القديمة، ونواعيرِها، ونسيمِ بردى — وبين رمزيتها كـأمٍّ حنون تحمل تاريخ الأجداد وألم الحاضر. ففي ديوانه “قصائد من دمشق” (1959) يصفها بأنها:

“مدينةٌ تلبسُ النورَ عباءةً.. وتجلسُ فوقَ كرسيِ الزمنِ المُلكِ”.

دمشق والأمجاد التاريخية:

لم يكتفِ نزار بوصف جمال المدينة، بل استحضر أمجادها كعاصمةٍ للخلافة الأموية، ومهدِ الحضارة العربية، فقال في إحدى قصائده:

“هذي دمشقُ.. وهذي الكلمةُ.. تملأُ التاريخَ كالأغنياتِ”.
كما تغنّى بمسجدها الأموي، رمز العمارة الإسلامية، ووصفه بـ“أجمل كتابٍ قرأته عن الإسلام”.

بين الحب والثورة:

ارتبط شعر نزار قباني عن دمشق أيضًا بنقد الواقع السياسي المرير، خاصةً بعد هزيمة 1967، حيث مزج بين الحنين إلى المدينة وبين دعوته لنهضة عربية جديدة، كقوله:

“يا بلادي.. جُرِحنا مرّةً.. فهل من دمشقَ.. تُولدُ المعجزاتُ؟”.

دمشق في المنفى:

حين غادر نزار دمشق إلى بيروت ثم لندن، ازداد حنينه إليها، وكتب أعمق قصائده عنها، مثل “إلى بيروت الأنثى.. مع حبي”، حيث يظهر تأثره بجراح المدينة وأسى البعد عنها، لكنه ظلّ حتى رحيله عام 1998 يحمل دمشق في قلبه، قائلًا:

“دمشقُ.. هي الحبُّ الأولُ.. لا يُنسى”.

خاتمة:

نزار قباني لم يكن شاعر غزلٍ فحسب، بل كان شاعرَ المكانِ والهوية، حوّل دمشق إلى كائنٍ شعريٍّ خالد، يجمع بين رقة الأنثى وعنفوان التاريخ. فشِعرهُ عنها باقٍ كنداءٍ للعالم بأن دمشق — رغم الجراح — تبقى جوهرةَ الشرق التي لا تُقهر.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock