الأمُّ: مَصْدَرُ الحَنَانِ وَأَسَاسُ البِنَاءِ الإِنْسَانِيِّ

الأمُّ: مَصْدَرُ الحَنَانِ وَأَسَاسُ البِنَاءِ الإِنْسَانِيِّ
لَطَالَمَا كَانَتِ الأُمُّ رَمْزًا لِلْعَطَاءِ الَّذِي لَا يَنْضُبِ، وَالْوُجُودُ الَّذِي يَحْمِلُ فِي طِيَّاتِهِ مَعْنَى الْحَيَاةِ بِأَكْمَلِهَا. فَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي تَنْبُتُ فِيهَا الْقِيَمُ، وَالسَّمَاءُ الَّتِي تُظِلُّ الْأَجْيَالَ بِالْحُبِّ وَالْأَمْنِ. لَيْسَتِ الْأُمُّ مُجَرَّدَ وَالِدَةٍ، بَلْ هِيَ مَصْدَرُ الْإِنْسَانِيَّةِ الْأَوَّلُ، وَالْحَاضِنَةُ الْأَعْظَمُ لِلسُّلُوكِ وَالْهَوِيَّةِ. فَكَيْفَ تُشَكِّلُ الْأُمُّ عَالَمَنَا؟ وَمَا دَوْرُهَا فِي صِنَاعَةِ الْمُجْتَمَعِ؟


مَفْهُومُ الْأُمُومَةِ وَأَهَمِّيَّتُهَا:

الْأُمُومَةُ لَيْسَتْ وَظِيفَةً جَسَدِيَّةً فَقَطْ، بَلْ هِيَ رِحْلَةٌ مِنَ الْعَطَاءِ الرُّوحِيِّ وَالْعَاطِفِيِّ تَبْدَأُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَتَسْتَمِرُّ طَوَالَ الْعُمُرِ. فَالْأُمُّ تَحْمِلُ فِي قَلْبِهَا أَمَلَ الْحَيَاةِ، وَفِي يَدَيْهَا قُدْرَةً عَلَى صِنَاعَةِ إِنْسَانٍ قَادِرٍ عَلَى الْإِبْدَاعِ وَالْعَطَاءِ.
أَهَمِّيَّتُهَا:

  1. رَكِيزَةُ الْأُسْرَةِ: الْأُمُّ هِيَ الْقُطْبُ الَّذِي يَجْمَعُ شَمْلَ الْعَائِلَةِ، وَتُحَوِّلُ الْبَيْتَ إِلَى مَلْجَأٍ مِنَ الدَّفْءِ وَالْإِيمَانِ.
  2. صِنَاعَةُ الْهُوِيَّةِ: مِنْ لُغَتِنَا الْأُولَى إِلَى قِيَمِنَا الْأَسَاسِيَّةِ، كُلُّ شَيْءٍ نَحْمِلُهُ نَابِعٌ مِنْ أُمِّنَا.
  3. حَارِسَةُ التَّرَاثِ: تَنْقُلُ الْأُمُّ تَرَاثَ الْأَجْدَادِ وَحِكْمَةَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَى أَبْنَائِهَا بِحُبٍّ وَإِصْرَارٍ.

دَوْرُ الْأُمِّ فِي بِنَاءِ الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ:


تَحَدِّيَاتُ تُوَاجِهُ الْأُمَّ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ:

  1. الْعَوْلَمَةُ وَتَأْثِيرُهَا: صُعُوبَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْوَالِدِيَّةِ فِي ظِلِّ نِظَامٍ يَطْلُبُ الْإِنْجَازَ الْمَادِّيَّ عَلَى حِسَابِ الْقِيَمِ.
  2. الْإِنْفِتَاحُ الثَّقَافِيُّ: تَصَادُمُ الْقِيَمِ بَيْنَ تَارِيخِ الْأُمِّ الْعَتِيقِ وَمُتْطَلَّبَاتِ الْحَيَاةِ الْحَدِيثَةِ.
  3. الضَّغُوطُ النَّفْسِيَّةُ: كَثْرَةُ الْمَسْؤُولِيَّاتِ قَدْ تُؤَثِّرُ عَلَى صِحَّةِ الْأُمِّ الْعَاطِفِيَّةِ.

كَيْفَ نُدَافِعُ عَنِ الْأُمِّ وَنُعَزِّزُ دَوْرَهَا؟


خَاتِمَةٌ:

الْأُمُّ هِيَ الْوُجُودُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَعْوِيضُهُ، وَالَّتِي قَالَ فِيهَا الرَّسُولُ ﷺ: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الْأُمَّهَاتِ». فَلْنُكْرِمْهَا لَيْسَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، بَلْ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ، وَلْنَذْكُرْ دَائِمًا أَنَّ الْحَضَارَاتِ لَا تَبْنِيَهَا الْإِنَاجِيلُ وَحْدَهَا، بَلْ تَبْنِيهَا أَيْدِي الْأُمَّهَاتِ قَبْلَ الْكِتَابِ.

Exit mobile version